الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

الغناء بين التحليل والتحريم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله المنعم علينا بنعمة العقل والتفكير والتدبر ,النعمه اللتي ميز الله بها الأنسان عن سائر المخلوقات وقد أمرنا ربنا بـ استخدام العقل والتفكر في مو اضع كثيره ( افلا يتفكرون )(افلا يعقلون )(افلا يتدبرون ) والله سبحانه أحكم العادلين فلم يجعل هذه النعمه لأشخاص دون أخرين ونهانا عن الأتباع دون التفكير واليقين الكامل كما في قوله (وقالو ربنا إنا اطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل)  بذلك قد طلب مني الأستاذ حسان الشهري بيان موقفي من ادلة تحريم او تحليل الغناء وكان له ما أراد.


البعض يحتج بآية "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله" ولو عدنا الى كتب التفسير لوجدنا مباشره سبب النزول ثم لتغير فهمنا في هذه الأيه لأن الآيه تاخذ كامله وليس مبتوره ,فلو استدللنا باية (فويل للمصلين ) وتركنا الأيه اللتي تليها لأختلف المعنى ويشهد لذلك سبب نزول هذه الآية وهو ما ذكره الأمام السيوطي في أسباب النزول عن ابن عباس قال نزلت في النضر بن الحارث أشترى قينه و كان لايسمع باحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فقال :أطعميه وأسقيه وغنيه وقال هذا خير مما يدلك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه ، فنزلت . فهذا سبب نزول الأيه وابن مسعود رضي الله عنه كان قديم الإسلام وكان مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكه قبل الهجرة، فكان يرى هولاء الكفار يشترون الجواري عمداً لإضلال الناس والتشويش على دعوة الحق ويدعون الناس إ لى سماع الغناء وترك الإسلام ،فتفسيره مناسب لطرفٍ من واقع حال أولئك الكفار الذين كانوا يقولون لاتسمعوالهذاالقرآن وألغو فيه لعلكم تغلبون فلا يصح أن يقتطع من بيان الآيه تفسير بن مسعود الذي جرى مجرى المثال لما كان يفعله المشركون بقصد الصد عن سبيل الله ، ويستدل به برهاناً على تحريم كل غناء ، فذلك الاقتطاع خروج عن دلالة السياق ،ومخالف لمبنى الكلام ونظمه. حاصل القول في دلالة هذه الأيه إن اللام في قوله ليضل عن سبيل الله لام التعليل فمنا اشترى لهو الحديث: من غناء وشعر وحكايات وأقاصيص وكل ما يصح أن يسمى حديثاً مما يمكن التلهي به ،يقصد بذلك الإشتراء الإضلال عن سبيل الله ودينه والصد عن تشريعه واستهزاء به،فأولئك لهم عذابٌ أليما أما ما تجرد عن هذا القصد من الأحاديث مما تقدم ذكره وغيره فلا يلحق بهذه الآية ولا يصح أن تكون دليلاً على منع شيء من تلك الملاهي فمن ذهب إلى التحريم في شيء منها فليطلب دليله في غير هذه الآيه الكريمة .

في قوله تعالى "وأنتم سامدون " أي لاهون معرضون عن ابن عباس رواه الوالبي والعوفي عنه . وقال عكرمة عنه : هو الغناء بلغة حمير يقال سمد لنا أي عن لنا فكانوا إذا سمعوا القرآن يتلى تغنوا ولعبوا حتى لا يسمعوا وقال الضحاك سامدون شامخون متكبرون . وفي الصحاح : سمد سمودا ورفع رأسه تكبرا وكل رافع رأسه فهو سامد قال : سوامد الليل خفاف الأزود يقول : ليس في بطونها علف . وقال ابن الأعرابي سمدت سمودا علوت . وسمدت الإبل في سيرها جدت . والسمود اللهو والسامد اللاهي يقال للقينة أسمدينا أي ألهينا بالغناء وتسميد الأرض أن يجعل فيها السماد وهو سرجين ورماد . وتسميد الرأس استئصال شعره ، لغة في التسبيد . واسمأد الرجل بالهمز اسمئدادا أي ورم غضبا . وروي عن علي رضي الله عنه أن معنى سامدون أن يجلسوا غير مصلين ولا منتظرين الصلاة . وقال الحسن واقفون للصلاة قبل وقوف الإمام ومنه ما" روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خرج والناس ينتظرونه قياما فقال : ما لي أراكم سامدين " حكاه الماوردي وذكره المهدوي "عن علي وأنه خرج إلى الصلاة فرأى الناس قياما ينتظرونه فقال: ما لكم سامدون " قاله المهدوي والمعروف في اللغة سمد يسمد سمودا إذا لها وأعرض . وقال المبرد سامدون خامدون قال الشاعر : أتى الحدثان نسوة آل حرب بمقدور سمدن له سمودا و"قال صالح أبو الخليل : لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم "أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ولا تبكون * وأنتم سامدون * فاسجدوا لله واعبدوا " لم ير ضاحكا إلا مبتسما حتى مات صلى الله عليه وسلم " ذكره النحاس .

وفي : قوله تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } .فيها ثلاث مسائل المسألة الأولى : قوله : { واستفزز } : فيه قولان أحدهما : استخفهم .الثاني : استجهلهم . ولا يخف إلا من يجهل ; فالجهل تفسير مجازي ، والخفة تفسير حقيقي . المسألة الثانية : قوله : { بصوتك } : فيه ثلاثة أقوال : الأول : بدعائك . الثاني : بالغناء والمزمار . الثالث : كل داع دعاه إلى معصية الله ؟ قاله ابن عباس . فأما القول الأول فهو الحقيقة ، وأما الثاني والثالث فهما مجازان ، إلا أن الثاني مجاز خاص ، والثالث مجاز عام . وقد { دخل أبو بكر بيت عائشة ، وفيه جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث ، فقال : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله ؟ فقال : دعهما يا أبا بكر ، فإنه يوم عيد } . فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر تسمية الغناء مزمار الشيطان ؟ وذلك لأن المباح قد يستدرج به الشيطان إلى المعصية أكثر وأقرب إلى الاستدراج إليها بالواجب ، فيكون إذا تجرد مباحا ، ويكون عند الدوام وما تعلق به الشيطان من المعاصي حراما ، فيكون حينئذ مزمار الشيطان ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : { نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين فذكر الغناء والنوح }





شكرا لقرائتكم موضوعي


عبد الرحمن سهيل الغامدي

صفحتي على الفيس بوك

صفحتي على تويتر

مدونتي

هناك تعليقان (2):